سورة الأنبياء - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46)}
قرئ: {وَلاَ يَسْمَعُ الصم} ولا تسمع الصم، بالتاء والياء، أي: لا تسمع أنت الصم، ولا يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يسمع الصم، من أسمع.
فإن قلت: الصم لا يسمعون دعاء المبشر كما لا يسمعون دعاء المنذر. فكيف قيل: {إِذَا مَا يُنذَرُونَ}؟ قلت: اللام في الصم إشارة إلى هؤلاء المنذرين، كائنة للعهد لا للجنس. والأصل: ولا يسمعون إذا ما ينذرون، فوضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على تصامهم وسدّهم أسماعهم إذا أنذروا. أي: هم على هذه الصفة من الجراءة والجسارة على التصامّ من آيات الأنذار {وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ} من هذا الذي ينذرون به أدنى شيء، لأذعنوا وذلوا، وأقروا بأنهم ظلموا أنفسهم حين تصاموا وأعرضوا. وفي المس والنفحة ثلاث مبالغات، لأنّ النفح في معنى القلة والنزارة. يقال: نفحته الدابة وهو رمح يسير، ونفحه بعطية: رضخه. ولبناء المرة.


{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)}
وصفت {الموازين} بالقسط وهو العدل، مبالغة، كأنها في أنفسها قسط. أو على حذف المضاف، أي: ذوات القسط. واللام في {لِيَوْمِ القيامة} مثلها في قولك: جئته لخمس ليال خلون من الشهر. ومنه بيت النابغة:
تَرَسَّمْتُ آيَاتٍ لَهَا فَعَرَفْتُهَا *** لِسِتَّةِ أعْوَامِ وَذَا الْعَامُ سَابِعُ
وقيل: لأهل يوم القيامة، أي لأجلهم.
فإن قلت: ما المراد بوضع الموازين؟ قلت: فيه قولان، أحدهما: إرصاد الحساب السويّ، والجزاء على حسب الأعمال بالعدل والنصفة، من غير أن يظلم عباده مثقال ذرّة، فمثل ذلك بوضع الموازين لتوزن بها الموزونات.
والثاني: أنه يضع الموازين الحقيقية ويزن بها الأعمال. عن الحسن: هو ميزان له كفتان ولسان. ويروى: أن داود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان، فلما رآه غشي عليه، ثم أفاق فقال: يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات، فقال: يا داود، إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة.
فإن قلت: كيف توزن الأعمال وإنما هي أعراض؟ قلت: فيه قولان، أحدهما: توزن صحائف الأعمال.
والثاني: تجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة. وقرئ: (مِثْقَالُ حَبَّةٍ) على (كان) التامة، كقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] وقرأ ابن عباس ومجاهد: {أَتَيْنَا بِهَا} وهي مفاعلة من الإتيان بمعنى المجازاة والمكافأة، لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء وقرأ حميد {أثبنا بها} من الثواب. وفي حرف أُبيّ {جئنا بها}. وأنث ضمير المثقال لإضافته إلى الحبة، كقولهم: ذهبت بعض أصابعه، أي: آتيناهما.


{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)}
أي: آتيناهما {ا لْفُرْقَانَ} وهو التوراة وأتينا به {ضِيَاء وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} والمعنى: أنه في نفسه ضياء وذكر. أو آتيناهما بما فيه من الشرائع والمواعظ ضياء وذكراً.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: الفرقان: الفتح، كقوله: {يَوْمَ الفرقان} [الأنفال: 41] وعن الضحاك: فلق البحر.
وعن محمد بن كعب: المخرج من الشبهات.
وقرأ ابن عباس: {ضياء} بغير واو: وهو حال عن الفرقان. والذكر: الموعظة، أو ذكر ما يحتاجون إليه في دينهم ومصالحهم، أو الشرف.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14